لقاء الرسول
مر بسليمان ذات يوم ركب من جزيرة العرب، فاتفق معهم على أن يحملوه الى أرضهم مقابل أن يعطيهم بقراته وغنمه، فذهب معهم ولكن ظلموه فباعوه ليهودي في وادي القرى، وأقام عنده حتى اشتراه رجل من يهود بني قريظة، أخذه الى المدينة التي ما أن رآها حتى أيقن أنها البلد التي وصفت له، وأقام معه حتى بعث الله رسوله وقدم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف، فما أن سمع بخبره حتى سارع اليه.
فدخل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحوله نفر من أصحابه، فقال لهم: (إنكم أهل حاجة وغربة، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة، فلما ذكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به)... فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (كلوا باسم الله) وأمسك هو فلم يبسط إليه يدا... فقال سليمان لنفسه: (هذه والله واحدة، إنه لا يأكل الصدقة).
ثم عاد في الغداة الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يحمل طعاما وقال: (أني رأيتك لا تأكل الصدقة، وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية). فقال الرسول لأصحابه: (كلوا باسم الله) وأكل معهم فقال سليمان لنفسه: (هذه والله الثانية، إنه يأكل الهدية).
ثم عاد سليمان بعد مرور زمن فوجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- في البقيع قد تبع جنازة، وعليه شملتان مؤتزرا بواحدة، مرتديا الأخرى، فسلم عليه ثم حاول النظر أعلى ظهره فعرف الرسول ذلك، فألقى بردته عن كاهله فإذا العلامة بين كتفيه، خاتم النبوة كما وصفت لسليمان... فأكب سليمان على الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقبله ويبكي، فدعاه الرسول وجلس بين يديه، فأخبره خبره، ثم أسلم.
عتـقه
وحال الرق بين سليمان -رضي الله عنه- وبين شهود بدر وأحد، وذات يوم أمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يكاتب سيده حتى يعتقه، فكاتبه على ثلاثمائة نخلة يجيبها له بالفقير وبأربعين أوقية، وأمر الرسول الكريم الصحابة كي يعينوه ،فأعانه الرجال بقدر ما عندهم من ودية حتى اجتمعت الثلاثمائة ودية، فأمره الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أذهب يا سلمان ففقّرها، فإذا فرغت فأتني أنا أضعها بيدي)... ففقرها بمعونة الصحابة حتى فرغ فأتى الرسول الكريم، وخرج معه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأخذ يناوله الودي ويضعه الرسول بيده، فما ماتت منها ودية واحدة فأدى النخيل.
وأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- من بعض المغازي ذهب بحجم بيضة الدجاج وقال له: (خُذْ هذه فأدِّ بها ما عليك يا سلمان)... فقال: (وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي ؟)... قال: (خُذها فإن الله عزّ وجل سيؤدي بها عنك)... فأخذها فوزنها لهم فأوفاهم، وحرر الله رقبته، وعاد رجلا مسلما حرا، وشهد مع الرسول غزوة الخندق والمشاهد كلها.