غزوة الخندق في غزوة الخندق جاءت جيوش الكفر الى المدينة مقاتلة تحت قيادة أبي سفيان، ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب، وجمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه ليشاورهم في الأمر، فتقدم سلمان وألقى من فوق هضبة عالية نظرة فاحصة على المدينة، فوجدها محصنة بالجبال والصخور محيطة بها، بيد أن هناك فجوة واسعة يستطيع الأعداء اقتحامها بسهولة...
وكان سلمان -رضي الله عنه- قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدعها، فتقدم من الرسول -صلى الله عليه وسلم- واقترح أن يتم حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة، وبالفعل بدأ المسلمين في بناء هذا الخندق الذي صعق قريش حين رأته، وعجزت عن اقتحام المدينة، وأرسل الله عليهم ريح صرصر عاتية لم يستطيعوا معها الا الرحيل والعودة الى ديارهم خائبين...
وخلال حفر الخندق اعترضت معاول المسلمين صخرة عاتية لم يستطيعوا فلقها، فذهب سلمان إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مستأذنا بتغيير مسار الحفر ليتجنبوا هذه الصخرة، فأتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع سلمان وأخذ المعول بيديه الكريمتين، وسمى الله وهوى على الصخرة فإذا بها تنفلق ويخرج منها وهجا عاليا مضيئا وهتف الرسول مكبرا: (الله أكبر... أعطيت مفاتيح فارس، ولقد أضاء الله لي منها قصور الحيرة، ومدائن كسرى، وإن أمتي ظاهرة عليها).
ثم رفع المعول ثانية وهوى على الصخرة، فتكررت الظاهرة وبرقت الصخرة، وهتف الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الله أكبر... أعطيت مفاتيح الروم، ولقد أضاء لي منها قصور الحمراء، وإن أمتي ظاهرة عليها)... ثم ضرب ضربته الثالثة فاستسلمت الصخرة وأضاء برقها الشديد، وهلل الرسول والمسلمون معه وأنبأهم أنه يبصر قصور سورية وصنعاء وسواها من مدائن الأرض التي ستخفق فوقها راية الله يوما، وصاح المسلمون: (هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله).
فضله قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة تشتاقُ إليهم الحُور العين: عليّ وعمّار وسلمان).
حسبه سُئِل سلمان -رضي الله عنه- عن حسبه فقال (كرمي ديني، وحَسَبي التراب، ومن التراب خُلقتُ، وإلى التراب أصير، ثم أبعث وأصير إلى موازيني، فإن ثقلت موازيني فما أكرم حسبي وما أكرمني على ربّي يُدخلني الجنة، وإن خفّت موازيني فما ألأَمَ حَسبي وما أهوَننِي على ربّي، ويعذبني إلا أن يعود بالمغفرة والرحمة على ذنوبي).